سنتحدث في هذه المقالة عن فكرة كيف يمكن أن تصبح خبيراً في العلاقات، وما يجب عليك القيام به لتصبح كوتشاً للعلاقات، وستساعدك هذه المقالة على الإجابة عن كل هذه الأسئلة.

قبل أن تستمر في القراءة، يجب أن تدرك أنَّ كونك كوتشاً جيداً لا يعني أن تكون قادراً على بدء أو إدارة أعمال الكوتشينغ؛ إذ إنَّ أقل من 24% من الكوتشز قادرون على الاستمرار والتركيز على الكوتشينغ طوال الوقت.

ماذا يعني كوتش العلاقات وكيف لنا أن نعرِّفه؟

ثمة أنواع متعدد للعلاقات؛ فهناك علاقة الزواج، والعلاقة العائلية، وعلاقات الصداقة، والعلاقات المهنية، وجميعها تؤثر فينا بطرائق مختلفة.

لحسن الحظ، يرتبط هذا الأمر بنا جميعاً؛ إذ إنَّنا جميعاً واجهنا بالتأكيد علاقات سيئة في مرحلة ما من حياتنا، قد تكون علاقة مع زوجك/ زوجتك أو والديك أو أصدقائك أو زملائك في العمل.

يساعدنا كوتش العلاقات بإرشادنا وتوجيهنا، كما يساعدنا على إيجاد الطريق إلى بناء علاقات أكثر قوةً وذات مغزى.

ماذا يفعل كوتش العلاقات؟

توجد الكثير من الأمور التي يمكن لكوتش العلاقات القيام بها، وهي:

● معالجة أهداف وتحديات العميل

كما هو الحال مع أيِّ أمر، يجب أن تنبع فكرة التغيير من الشخص نفسه؛ إذ إنَّك تحتاج إلى التحدث إلى عملائك، ومعرفة أهدافهم المتعلقة بعلاقاتهم، وما هي التحديات التي يواجهونها، وستلاحظ أنَّ معظم التحديات ذاتية، وبصفتك كوتشاً للعلاقات، يمكنك أن تكون صديقاً يثقون به، ويمكنهم التواصل معك ومعالجة مخاوفهم فيما يتعلق بعلاقاتهم.

● تحدي العقبات

يضع معظم الناس بعض الافتراضات في بالهم؛ إذ عندما يتعلق الأمر بالرجال الذين لا يخرجون في مواعيد، فإنَّهم يفترضون أنَّ ذلك الأمر يحدث بسبب عدم قابليتهم للمواعدة وعدم جاذبيتهم.

أمَّا بالنسبة إلى النساء، يبدو أنَّ هذا الأمر له تأثير أسوأ بكثير؛ إذ تعتقد النساء اللاتي ما زلن عازبات وهنَّ في سن الزواج، أنَّهنَّ سيموتنَّ وحدهنَّ؛ لأنَّهن يعتقدن أنَّفسهن غير جديرات بالعلاقة بسبب وجود عيب ما فيهن.

في أغلب الأحيان، هذه مجرد عقبات ذاتية، وبصفتك كوتشاً للعلاقات، يمكنك مساعدتهم على تحديد حقيقة أنَّ الشخص هو أكبر عدو لنفسه، وبمجرد أن يدركوا ذلك، يمكنهم بناء علاقات صحية.

● تحديد معايير العلاقة الصحية

قد يطلب بعض عملائك مساعدتك لأنَّهم يتعرضون للاستغلال في علاقاتهم، ومن الشائع جداً حدوث الاستغلال في العلاقات.

لسوء الحظ، وعلى الرغم من أنَّ الأشخاص يعرفون أنَّهم يتعرضون للاستغلال، إلا أنَّهم يمضون قُدماً في علاقاتهم؛ لأنَّهم يشعرون أنَّ هذه هي الطريقة الوحيدة التي سيحصلون بها على علاقة صحية، وبوصفك كوتش علاقات، وظيفتك هي جعلهم يتوقفون عن هذا السلوك، ويدركون أنَّهم لا يساعدون أحداً من خلال القيام بذلك؛ إذ تُعَدُّ معايير العلاقة الصحية هامةً جداً للنمو الذاتي.

● مساعدة العملاء على أن يكونوا صادقين مع أنفسهم

سيعاني معظم العملاء من خداع الذات الشديد، وقد يتعرضون للخداع بسبب اعتقادهم بأنَّهم لا يستحقون أن يكونوا في علاقات صحية، أو يعتقدون أنَّ العلاقات السلبية التي هم فيها جيدة بالفعل بالنسبة إليهم، أو يخدعون أنفسهم بسبب اعتقادهم بأنَّهم لا يستطيعون سوى جذب العلاقات السلبية إلى حياتهم.

وبصفتك كوتش علاقات، فإنَّ وظيفتك هي تخليصهم من هذه الأفكار ومساعدتهم على مواجهة الحقائق من خلال الصدق مع أنفسهم.

لماذا يوظف الناس كوتشاً للعلاقات؟

في كل يوم من حياتك، أنت في حالة بحث دائم عن غايتك، وإذا كنت من الأقلية المحظوظة التي وجدت غايتها، فهذا جيد، وأمَّا بالنسبة إلى البقية، فإنَّهم يقضون معظم حياتهم يبحثون عنها في الوقت الذي يعملون فيه وظائف لا يريدونها، أو يعيشون في بيوت يكرهونها.

بالنسبة إلى معظم الناس، يمكن أن تكون الحياة متعبةً جداً، والأمر الوحيد الذي لديهم، والذي يمنحهم شعوراً بالراحة من جداول أعمالهم اليومية الصعبة، هو علاقاتهم.

قد يكون ذلك عن طريق عناق شخص غالٍ عليك، أو قبلة من والدتك، أو الوقت الذي تقضيه في الدردشة مع أصدقائك، فالأمور الصغيرة في العلاقات هي التي تمنح حياتنا القوة والدافع؛ لكنَّ بعض الناس لا يملكون تلك الصلة الخاصة مع إنسان آخر، تخيل مدى الضيق والوحشة في حياتهم.

تخيل أنَّك تعود من العمل إلى منزل خالٍ من الحب، أو تتناول عشاء عيد الميلاد بمفردك لأنَّ العلاقة التي تربطك بأسرتك ليست هامة بما يكفي لتمنحها وقتك، وتخيل أنَّك تجلس بمفردك في عطلة نهاية الأسبوع لأنَّك غير قادر على تكوين صداقات، فتقضي وقتك في مشاهدة الأفلام فحسب، تخيل تلك العزلة.

هذا هو السبب الذي يجعل الناس يتواصلون مع كوتشز العلاقات، فقد أدرك الناس مدى أهمية أن تكون لديهم علاقات مُرضية؛ إذ يدركون أنَّه من الجيد الآن طلب المساعدة لبناء علاقات أفضل.

العلاقات الجيدة أمرٌ نسعى إليه جميعاً، ويمكن لكوتشز العلاقات تقديم الحب والدعم والسعادة والصداقة والنصيحة والتوجيه، ومع ذلك، إذا فشلنا في علاقاتنا، فيمكن أن تحدث معنا بعض المشكلات ونشعر بالانزعاج، وخلال هذه الأوقات نطلب النصائح بشأن علاقاتنا.

قد توجد العديد من الأسباب التي تجعل الناس يسعون للحصول على النصائح بشأن علاقاتهم، فأيَّة علاقة معرَّضة لأن تكون في مأزق، والناس يوظفون كوتشز للعلاقات لأنَّهم يريدون أن يكونوا سعداء.

ما هو الفارق بين الاستشارة الزوجية وكوتشينغ العلاقات؟

الاستشارة الزوجية هي فرع تخصصي من كوتشينغ العلاقات؛ إذ يركز كوتش الأزواج بصورة أساسية على الأشخاص المتزوجين أكثر من غيرهم، والفكرة هي العمل على كل الأمور الخاطئة التي حدثت في علاقاتهم في الماضي، ومساعدتهم على بناء علاقة أفضل في المستقبل، إمَّا معاً أو بمفردهم.

في المقابل، لا يكون تركيز كوتشينغ العلاقات محصوراً بالأشخاص الذين يواجهون مشكلات زوجية؛ وإنَّما يركز على جميع أنواع العلاقات التي قد تحدث في حياة المرء؛ وهذا هو الفارق الكبير بين النوعين.

ما هي المهارات الأساسية المطلوبة من كوتش العلاقات؟

العلاقات هي بالتأكيد أهم جزء في حياتنا؛ إذ إنَّها تحقق الكثير من المعنى والرضى لنا ولمن حولنا، ونحن نكسب السعادة من العلاقات الإيجابية التي نبنيها في حياتنا، فهي كل ما يهمنا؛ لذلك، ولكي نكتسب المهارات اللازمة لتطوير مثل هذه العلاقات، نحن بحاجة إلى الكوتش المناسب مع المهارات المناسبة؛ ولهذا السبب، إذا كنت تبحث عن أفضل كوتش للعلاقات، فتأكد من امتلاكه هذه المهارات:

● التعاطف

يُعَدُّ التعاطف إحدى أهم المهارات التي يجب أن يمتلكها كوتش العلاقات؛ إذ يعلمك كيف تكون متعاطفاً، وهذا يساعدك على تحقيق علاقات مثالية من خلال الاهتمام بمشاعر الآخرين وفهمها.

يمكن لكوتش العلاقات الجيد أن يعلمك هذه المهارة الأساسية في الحياة، والتي يمكنك استعمالها لتجنب الجدل المتكرر، وأن تكون متعاطفاً يعني أن تفهم طريقة تأثير أفعالك في علاقاتك بالأشخاص من حولك، كما يعلمك كوتش العلاقات أيضاً طريقة تفسير مشاعر شخص آخر، وفهم سبب شعوره بالطريقة التي يشعر بها، حتى تتمكن من معرفة سبب شعورك تجاهه بطريقة معيَّنة أيضاً.

● القدرة على إيجاد حلول طويلة الأمد

سيضمن الكوتش الجيد أن تكون لدى الأشخاص استراتيجية طويلة الأمد لحل مشكلات علاقاتهم؛ إذ لا فائدة من الحلول السريعة حين يمكن للمشكلة أن تظهر مرةً أخرى بالسرعة نفسها التي اختفت فيها؛ لذا يشجِّع كوتش العلاقات الجيد على التخطيط الجيد، ووضع الاستراتيجيات، وضبط النفس.

● الوعي الذاتي والتفكير الذاتي

يمنح كوتش العلاقات الجيد الناس فكرة عن أنفسهم؛ وهذا يسمح لهم برؤية الثغرات في علاقاتهم، ويساعدهم ذلك على النظر إلى مشكلاتهم بموضوعية أكبر، والاستجابة جيداً في المواقف التي يرافقها الشعور بالتوتر، كما يساعد كوتشز العلاقات على تمكين الناس من التفكير بحرِّية من دون تحيز أو تحامل؛ وهذا ممَّا يعزز علاقاتهم.

● وضع الأهداف وإدراك العقبات

من المهارات الهامة التي يجب على الكوتشز امتلاكها، هي رؤية مجالات التحسين المحتملة في العلاقات، ومساعدة الأشخاص في العمل عليها؛ إذ يفعلون ذلك من خلال مساعدة الناس على تحديد الأهداف والعثور على الهدف من العلاقات، ثم يضعون خريطة طريق للعميل باستعمال التعزيز الإيجابي لمساعدته في مجالات التحسين.

يساعد كوتش العلاقات على حل العقبات التي قد يواجهها العميل من خلال إعادة برمجة أفكاره، ومن ثمَّ حصوله على علاقة خالية من التوتر.

● فن تكوين العلاقات

يتقن كوتش العلاقات الجيد فن تكوين العلاقات مع الأشخاص، ويمكنه أن يساعد في حل معظم المشكلات المرتبطة بالعلاقة، كما يمكن أن يساعد في إصلاح أيِّ نوع من العلاقات، سواءً مع عائلتك أم زوجك أم زوجتك أم أصدقائك أم زملائك في العمل، وأيِّ شخص هام بالنسبة إليك.

● تغيير أسلوب الحياة

يحتاج الكوتش إلى التأكيد على أهمية العلاقات القوية وأسلوب الحياة المستقر للحفاظ عليها، وفي هذه العملية، يساعد الكوتش على تغيير العديد من المعايير المتعلقة بك، بما في ذلك التركيز على الحياة المهنية، والاهتمام بصحتك، وقيادة نمط حياة متوازن عموماً.

يمكن أن تساعدك جميع المهارات المناسبة مع كوتش العلاقات المناسب على تعلُّم طريقة الشعور بالثقة والحب، وتطوير علاقات رائعة تدوم مدى الحياة وتفتخر بها إلى الأبد.

كم يتقاضى كوتش العلاقات؟

ربما تتساءل، كم يتقاضى كوتشز العلاقات؟ يختلف راتب كوتش العلاقات بناءً على العديد من الأمور؛ مثل نوع العملاء الذين يمتلكهم الكوتش، والموقع، ومجال التخصص الذي يهتم به، وعدد سنوات الخبرة، وعدد العملاء، والطلب على الكوتش، وحجم العمل الذي يديره الكوتش.

وفقاً لموقع التوظيف عبر الإنترنت "سيمبلي هايرد" (SimplyHired)، يبلغ متوسط راتب كوتشز العلاقات والحياة حوالي (68000) دولار، ووفقاً لمجلة "فوربس" (Forbes)، يصادف أنَّ بعض أسرع المسارات الوظيفية هي تلك الخاصة بالكوتشز المحترفين؛ إذ يحصل 20% من الكوتشز المسجلين البالغ عددهم 10000 على دخل عالٍ.

هل تحتاج إلى شهادة كوتشينغ العلاقات؟

ليس عليك أن تمتلك شهادةً معتمدةً لتكون كوتشاً للعلاقات؛ لكنَّ التدريب على علم النفس السلوكي، وتقنيات الكوتشينغ، ومهارات الإرشاد، والأبحاث الحديثة بشأن السلوك المعرفي، يمكن أن يساعد على جذب العملاء.

إذا كنت تخطط للخضوع لتدريب كوتش العلاقات، فقد تكتسب بعض الأساليب المفيدة التي يمكنك استعمالها في عملك، ولكن تذكَّر أنَّ الشهادات لا توفر أيَّ ضمان للنجاح؛ إذ ترتبط عمليات إصدار الشهادات مع فكرة تقييم مهاراتك التدريبية وإنشاء معايير لمساعدتك على التحسين.

وأن تمتلك شهادةً معتمدةً في العلاقات، لا يعني أنَّك ستحصل على العملاء الذين تريدهم، ولكن ما يهم في النهاية هو مقدار المعرفة التي تمتلكها عن العلاقات، ومدى التزامك بمساعدة عملائك على تحقيق أهدافهم من أجل بناء علاقات سعيدة وذات مغزى.

ألن يكون من المدهش مساعدة الناس على التحسُّن عقلياً وجسدياً وشخصياً؟ تخيل أنَّك تفعل هذا وأنت تعيش الحياة التي تحلم بها، مع مهنة تمنحك كل سعادة العالم.

مهما كانت المهنة التي تعمل بها الآن، سواءً كنت مديراً تنفيذياً، أم على وشك التقاعد، أم ليس لديك عمل في الوقت الحاضر، عندما تصبح كوتشاً للعلاقات يمكنك مساعدة الأشخاص على التغلب على التحديات وتحقيق نتائج دائمة.