واحدة من أكبر التحديات في مجال التدريب هي الاختلافات بين الأجيال بين المتعلمين البالغين، وبينما يفضِّل جيل طفرة المواليد عموماً الصفوف الدراسية التقليدية، التي يقدِّم فيها المعلم المعلومات مباشرةً للمتعلمين دون أيِّ مشاركة منهم، فبدأَت الأجيال اللاحقة بتغيير هذا النموذج وتولِّي مسؤولية تجاربهم التعليمية.

الجيل الافتراضي الجديد

يتبنَّى "الجيل الافتراضي" الجديد من المتعلمين تجارب تدريب تفاعلية تعتمد اعتماداً كبيراً على استخدام التقنيات الحديثة، وغالباً ما يُعرَّف "الجيل الافتراضي" بأنَّهم أفراد فئة عمرية يقضون وقتاً طويلاً في الاستفادة والتفاعل مع الآخرين عبر الإنترنت؛ حيث يتقن هؤلاء الأفراد استخدام محركات البحث والبرامج المتخصصة، وتشير التقارير عموماً إلى أنَّهم يفضِّلون العمل بمفردهم والمشاركة في أنشطة التدريب.

وغالباً ما يستثمر هؤلاء الأفراد في استخدام التقنيات الافتراضية، مفضِّلين الخصوصية النسبية التي يوفرها البريد الإلكتروني وأشكال التواصل الافتراضية الأخرى، فنحن نعلم بالفعل أنَّ المتعلمين البالغين يفضِّلون نهج التعلم التطبيقي، والتأكد من أنَّ أهداف التدريب قادرة على مساعدتهم لأداء مهامهم اليومية، ونقل المعرفة من خلال تمرينات قائمة على حل المشكلات.

ومع ذلك يُطوِّر "الجيل الافتراضي" هذا الأمر، ويُضفي طابعاً اجتماعياً إلى هذه التمرينات، مفضِّلاً المشاركة في تمرينات جماعية قائمة على حل المشكلات والتي تعكس تحديات حقيقية في أثناء العمل وتعتمد اعتماداً كبيراً على تفاعلات المتعلمين مع بعضهم؛ حيث يمكن لهذه الأشكال من التمرينات تحسين اكتساب المعرفة ومهارات التواصل الجماعي في جميع أنواع البرامج التدريبية، وتثبت عموماً نجاحها الكبير في تطوير مهارات قابلة للنقل.

وإحدى هذه الطرائق الإضافية التي بدأ بها الموظفون من "الجيل الافتراضي" بتمييز أنفسهم عن غيرهم هي مناهجهم المعرفية القائمة على حل المشكلات؛ حيث يميل المتعلمون البالغون التقليديون إلى المشاركة في عمليات ما وراء المعرفية واستخدام الأساليب التجريبية والخوارزميات لإيجاد حل، وأحياناً استخدام التقنيات للبحث عن معرفة إضافية عند الحاجة.

أظهر متدربو "الجيل الافتراضي" ميلاً واضحاً للتخلي عن هذه العمليات تماماً، وبدلاً من البحث عن المعرفة للمساعدة على تطوير حل، انتقِل مباشرةً إلى استخدام التكنولوجيا للبحث عن الحل نفسه، وقد يؤدي هذا التوجه إلى "البحث في محرك بحث "غوغل" (Google) عن الإجابة" إلى تقليل الوقت المستغرق في حل مشكلة ما بصورة كبيرة، وغالباً ما يوفر على فريق العمل إضاعة الوقت الثمين في محاولة إعادة ابتكار حل موجود بالفعل من الصفر، ومع ذلك، فإنَّ هذا البحث عن حل سريع غالباً ما يعني أنَّ المتعلمين من "الجيل الافتراضي" يتعاملون تعاملاً سطحياً فقط مع المشكلة، ويسعون فقط إلى اكتساب ما يكفي من الفهم لضمان قدرتهم على استخدام محركات البحث بنجاح.

كيف يؤثر ذلك في التدريب؟

يؤدي هذا غالباً إلى تحديات للمدربين في المنظمات الذين يحاولون إشراك هؤلاء الأفراد في التدريب، ويتطلب أن تضيف البرامج التدريبية تمرينات حل المشكلات التي لا يمكن البحث عن حلولها بسهولة في محرك بحث "غوغل"؛ حيث سيحظى المدربون الذين يدربون مجموعةً من المتعلمين من "الجيل الافتراضي" بتجربة تدريب ممتازة، بشرط أن يستفيدوا من مهارات هؤلاء الأفراد.

وأظهر المدربون نجاحاً كبيراً في نقل المعرفة والنمو من خلال إنشاء سيناريوهات افتراضية من العالم الحقيقي لهؤلاء الأفراد؛ مما يتطلب منهم استخدام برامج إدارة المشاريع الافتراضية والموارد عبر الإنترنت لتوجيه فريقهم نحو تطوير نهج أو منتج جديد ومبتكر في مجالهم، وحوَّلَت العديد من شركات البرمجيات هذه الأشكال من برامج التدريب إلى مصانع لطرح منتجات جديدة، وتحقيق أرباح بالملايين وتطوير مؤسساتهم في سوق العمل.

من خلال مساعدة هؤلاء المتعلمين من "الجيل الافتراضي" على التراجع عن نهج "إيجاد الحل في محرك البحث غوغل" (Google the solution) ومساعدتهم بدلاً من ذلك على التفكير تفكيراً نقدياً وتطبيق مناهج ما وراء معرفية في استخدامهم للتكنولوجيا؛ يمكن للمدربين تحويل هؤلاء الأفراد إلى أصحاب دخل أعلى وفكرٍ في المنظمة؛ حيث إنَّ برامج التدريب التي تتطلب "الجيل الافتراضي" من المتدربين التوصل إلى حلول مبتكرة في مجالاتهم تُوفِّر تجارب صعبة ومجزية بطبيعتها لهؤلاء الأفراد الذين يتشتت انتباههم بسهولة، ومن خلال تصميم برامج تدريب لمراعاة هذه الجوانب الفريدة من "الجيل الافتراضي"، يمكن للمدربين ضمان شعور هؤلاء الأفراد بالتقدير من قِبَل قادتهم وتعزيز ولائهم للمؤسسة.