تُميِّز القدرة على التعلم البشر عن المخلوقات الأخرى؛ فالتعلم هو السمة الرئيسة للذكاء، ويُعَدُّ فناً وعلماً؛ إذ بحث العلماء لقرون في أساليب تعلُّم البشر وكيفية جعلهم يتعلمون بشكل أفضل.

عوامل يجب أن تُؤخَذ في الحسبان عند تعلُّم البالغين:

تختلف طريقة تعلُّم الأطفال اختلافاً كبيراً عن طريقة تعلُّم البالغين، لذلك ينقسم علم التعلم عند البشر إلى قسمين هما: علم البيداغوجيا (pedagogy)  وعلم الأندراغوجيا (andragogy). يتعامل علم البيداغوجيا مع الأطفال وعملية التعلم الخاصة بهم، بينما يتعامل الأندراغوجيا مع البالغين وكيفية تعلُّمهم؛ وبالتالي، لتصميم مواد تعليمية فعَّالة للبالغين، نحتاج إلى مراعاة العوامل الأندراغوجيَّة، ويستكشف علم تعليم البالغين أو الأندراغوجيا طرائق تعلُّم البالغين ويساعدنا في صياغة استراتيجية تعليمية للمتعلمين البالغين.

مع ازدياد شعبية التعليم الإلكتروني يوماً بعد يوم، يشك بعض العلماء في مدى ملاءمة وحدات التعليم الإلكتروني لأساليب تعليم البالغين، حيث تختلف طريقة تعلُّم البالغين اختلافاً كبيراً عن طريقة تعلُّم الأطفال، كما تختلف احتياجات التعلم الجسدية والاجتماعية والعاطفية والفردية ودوافع البالغين تماماً، ويجب أن تعالج مواد الدورة التعليمية هذه المشكلات التي يواجهها البالغون، فالبالغون لا يتعلمون من أجل التعلم فحسب؛ وإنَّما هم مدفوعون بأهدافهم وحاجاتهم. سنتعرَّف في هذه المقالة إلى كيفية تعامل وحدات التعليم الإلكتروني مع متطلبات تعلُّم الكبار وكيف تجعل التعلم فعَّالاً بالنسبة إلى المتعلمين البالغين، كما سندرس الجوانب الستة الرئيسة لتعلُّم البالغين وكيف يعالجها التعليم الإلكتروني.

الجوانب الستة لتعلُّم البالغين:

1. الحاجة إلى المعرفة

كما ذكرنا سابقاً، لا يتعلم البالغون بهدف التعلم المحض؛ بل يتعلمون عندما يكون لديهم هدف، وعندما يحتاجون إلى مهارة أو معرفة معيَّنة.

كيف يساعدهم التعلم الإلكتروني في ذلك؟

ربما يكون التعليم الإلكتروني هو الأنسب للتعلم القائم على الحاجة، فأبرز شكلين لتقديمه هما التدريب المُقدَّم في الوقت المناسب (Just-In-Time training) والتعلم المصغر (microlearning)، وهما الحلان المثاليان للتعلم القائم على الحاجة، حيث يمكِن لأي شخص أن يأخذ وحدة تعليم إلكتروني متى احتاج إلى اكتساب مهارة ما، ويمكِن الوصول إليها في أي وقت وفي أي مكان؛ وبالتالي فهي مثالية للمتعلمين البالغين، ويُعَدُّ التعلم المصغر أحد الأشكال الشائعة الأخرى للتعليم الإلكتروني، ويمتاز بأنَّه مُركَّز ومُحدَّد.

2. الحافز

يمتلك المتعلمون البالغون دوافع ذاتية على عكس المتعلمين الصغار الذين يمتلكون دوافع خارجية، كما يتحفز المتعلمون البالغون عندما تتناول المواد التعليمية مشكلاتهم الواقعية أو تُعزز مهاراتهم الحالية.

كيف يساعدهم التعلم الإلكتروني في ذلك؟

يمكِن أن يُحقِّق التعليم الإلكتروني أقصى استفادة من عمليات التحليل التي تُجرَى في أثناء التعلم من خلال تحليل سلوك التعلم مثل: الوقت المستغرق والتقدم والتغذية الراجعة والتقييم التكويني وما إلى ذلك، كما تُمهِّد عمليات التحليل الأساسية التي تُجرى في أثناء التعلم الطريق لفهم تفاعل المتعلم مع مواد تعليمية معيَّنة وكيف يمكِن تحسينها لتعزيز تجربة التعلم.

3. الإرادة

يشعر البالغون بالفضول بشأن جدوى نتائج تعلُّم وحدةٍ ما ويتساءلون كيف ستساعدهم في حياتهم، ويرغبون بالتأكد من الفائدة التي تُقدِّمها لهم.

كيف يساعدهم التعلم الإلكتروني في ذلك؟

يُمكِّن التعلم الإلكتروني المتعلم من تَصفُّح المادة المُقدَّمة في الدورة؛ وبالتالي الحصول على لمحة عمَّا ستُقدِّمه الوحدة لهم، ويزيد هذا من استعداد المتعلمين لدراسة الوحدة.

4. الخبرة

على عكس الأطفال، يمتلك المتعلمون البالغون خبرةً تؤدي دوراً رئيساً في الطريقة التي يتعلمون بها، كما يحبون مشاركة خبراتهم والتعلم من تجارب الآخرين، مما يعزز دور المواد التعليمية في حياتهم الحقيقية.

كيف يساعدهم التعلم الإلكتروني في ذلك؟

يتيح التعلم الإلكتروني التعلم الاجتماعي ويكسر حواجز الزمان والمكان؛ وبالتالي، يمكِن للمتعلمين مشاركة خبراتهم عبر المنصات متعددة الأغراض مثل: المنتديات ومواقع المعلومات والمناقشات وما إلى ذلك.

5. التوجيه الذاتي

يحب البالغون أن يوجهوا أنفسهم وأن يتحكموا فيما يتعلمون وفي كيفية تعلُّمهم.

كيف يساعدهم التعلم الإلكتروني في ذلك؟

التعليم الإلكتروني هو أكثر شكلٍ من أشكال التعلم يتيح التعلم الذاتي، ويمنح المتعلم سيطرةً كاملةً، مما يسمح له بتحديد طريقة التعلم التي يريدها، وكم من الوقت يريد أن يقضيه في التعلم والزمان والمكان اللذين يريد أن يتعلم فيهما؛ أي يمنحه سيطرةً كاملةً على تجربة التعلم؛ وبالتالي يلبي احتياجات المتعلمين البالغين الذي يتعلمون ذاتياً.

6. التعلم العملي

يحب البالغون التعلم بالممارسة، فهم يُفضِّلون أن يكونوا متعلمين نشطين بدلاً من متعلمين سلبيين، كما يحبون الاستكشاف والتجربة ومواءمة تعلُّمهم مع وظائفهم أو مهام الحياة الواقعية.

كيف يساعدهم التعلم الإلكتروني في ذلك؟

يوفر التعليم الإلكتروني الكثير من أنشطة التفاعل والمحاكاة والسيناريوهات وما إلى ذلك، حيث يمكِن للمتعلمين التعلم من خلال التطبيق، كما يستطيعون التفاعل مع عناصر الشاشة وممارسة مهاراتهم في بيئة افتراضية.

الخاتمة:

يكتسب التعليم الإلكتروني شعبيةً ليس لأنَّه يبدو رائعاً وحسب؛ بل لأنَّه يقوم على أساس يأخذ تعلُّم البالغين في الحسبان، كما أنَّه يساعد المعلِّمين على تلبية احتياجات تعلُّم البالغين بكفاءة؛ لذلك يمكِننا أن نقول إنَّ التعلم الإلكتروني الصديق الصدوق لتعلُّم البالغين.