كانت المؤسسات بالفعل تُعيد النظر في استراتيجيات القوى العاملة قبل اندلاع جائحة كورونا؛ حيث أدى التحول الرقمي إلى ظهور عدد كبير من التطورات التي تتراوح بين أتمتة الوظائف وظهور تكنولوجيا جديدة مثل الذكاء الاصطناعي والقدرة على تضمين التحليلات في العمليات، وقد كان الانتقال إلى العمل عن بُعد - رغم تأثيره الهائل - استمراراً للتوجه نحو التكنولوجيا الذي غيَّر وسيستمر في تغيير طبيعة العمل.

يتوقع المنتدى الاقتصادي العالمي (WEF) أن تحلَّ الآلات محل 85 مليون وظيفة بحلول عام 2025، وظهور 97 مليون وظيفة جديدة تلائم التقسيم الجديد للعمل بين البشر والآلات والخوارزميات بصورة أفضل، مما يجعل تدريب الموظفين على استخدام التكنولوجيا الجديدة أمراً حتمياً.

في الواقع، وفقاً للبحث الذي أجراه المنتدى الاقتصادي العالمي، تشعر الشركات أنَّ ما يقرب من 40٪ من عمَّالها سيحتاجون إلى إعادة التدريب على المهارات لمدة ستة أشهر، وعلاوة على ذلك، يتوقع 94٪ من قادة الأعمال أن يكتسب الموظفون مهارات جديدة في مكان العمل.

وبالنظر إلى التحديات التي يجلبها العمل عن بُعد، ستجد أنَّ أمام محترفي التدريب عملاً شاقاً في عام 2021، يتمثل في تحقيق الخطوات التالية:

1. جعل التدريب جزءاً من الوظيفة

لا يقتصر دور القوى العاملة الماهرة بالتكنولوجيا على الاستجابة بسرعة وفاعلية أكبر لتغيرات الأعمال واحتياجات العملاء؛ وإنَّما توفر أيضاً ميزة تنافسية للشركة؛ لذلك يجب على الموظفين تعزيز مهاراتهم الرقمية حتى يتمكنوا من التفاعل مع جميع أصحاب المصلحة من خلال قنوات مختلفة، ولتمكينهم من ذلك، تحتاج الشركات إلى خلق ثقافة عمل تدعم التعلُّم المستمر.

نتيجة لذلك، يجب أن يصبح التدريب جزءاً من التوصيف الوظيفي، ففي الواقع، دفع الوباء العديد من الشركات إلى تسريع تحوُّلها الرقمي والاستفادة من التكنولوجيا المتقدمة للتغلب على العقبات المتمثلة في التباعد الجسدي وحدوث اختلالات في سلسلة التوريد، والتي يمكن أن توسع الفجوات في المهارات.

علاوة على ذلك، ستنمو التكنولوجيا في مكان العمل نمواً كبيراً في عام 2021؛ وذلك لأنَّ العمل عن بُعد سيستمر؛ حيث وجد استطلاع أجرته مؤسسة غارتنر (Gartner) أنَّ ما يقرب من نصف المؤسسات يعمل الآن 81٪ أو أكثر من موظفيها عن بُعد، ومن المرجح أن يستمر 41٪ من العمال في العمل عن بُعد بدوام جزئي على الأقل بعد الوباء.

أخيراً، لتوفير المال في أثناء الانكماش الاقتصادي الناجم عن الوباء، تستبدل العديد من الشركات الموظفين بدوام كامل بمتعاقدين، وسيؤدي هذا التحول إلى زيادة معدل الدوران في العام المقبل؛ حيث يبحث الموظفون عن وظائف توفِّر المزيد من الأمان والمزايا، ونتيجة لذلك، سيكون من الضروري إجراء المزيد من التدريب المتكرر، خاصة خلال هذه الفترة الانتقالية، عندما يتحول حل المشكلات في عام 2020 إلى المزيد من التخطيط طويل الأمد لعام 2021 وما بعده.

2. التوسع في التدريب أو مواجهة الفشل

يتطلب تطوير المهارات الرقمية عبر أقسام العمل والعالم توفر أساليب تعلُّم متقدمة، ففي الماضي، كانت المؤسسات تُفضِّل التدريب بقيادة معلم وجهاً لوجه في فصل دراسي، ومع ذلك، لا يمكن لهذا النهج تقديم تدريب على المهارات على نطاق واسع وبتكلفة فعَّالة، لا سيَّما مع وجود العديد من الموظفين المتفرقين والذين يعملون من المنزل، فإن لم تتمكن من التوسع، فسوف يفشل تدريبك.

لقد نقل الوباء المزيد من الشركات إلى التدريب الافتراضي بقيادة مدرِّب (VILT) والتعلُّم الذاتي خلال العام الماضي، وهذا الأخير هو خيار مرن خصوصاً لتقديم تدريب على نطاق واسع؛ وذلك لأنَّه يوفر التحكُّم في وقت وكيفية تفاعل الموظفين مع البرامج، كما أنَّه يُمكِّنهم من التقدم بالسرعة المناسبة وتخصيص تجربتهم التعليمية، بدلاً من ردعهم من خلال برنامج صارم وجدول زمني غير مريح.

ومع ذلك، سيعيق مجرد نقل المحتوى إلى منصة عبر الإنترنت بدون أدوات جيدة لإدارة الأنشطة فاعلية التدريب، ونتيجة لذلك، تستفيد بيئات التعلُّم الذاتي أيضاً من ميزات جديدة، مثل تقديم الدعم في الوقت المناسب، وتقديم تغذية راجعة للمتدربين، وتتبُّع المشاركة والتحليلات التي تساعد محترفي التدريب على تعديل البرامج بفاعلية أكبر.

3. تحقيق متطلبات النجاح

شهد التدريب الافتراضي القائم على السحابة نمواً هائلاً؛ وكون هذا النهج يُناسب أي شخص في أي مكان في العالم، فإنَّه سيحتل مكاناً هاماً في مستقبل التدريب حتى بعد الوباء، وعلى عكس التدريب وجهاً لوجه، توفِّر منصات التعلُّم الحديثة مساراً لإعادة التدريب على المهارات الرقمية والارتقاء بها على نطاق واسع، مما يُمكِّن الموظفين من الاستعداد للمتطلبات الجديدة للقوى العاملة العالمية دون توقُّف أو تأخير.

أثبتت المنصات المستندة إلى السحابة فاعليتها خصوصاً في المجالات المعقدة مثل التدريب على استخدام البرامج؛ حيث تمنح الموظفين خبرات عملية باستخدام الأدوات الفعلية التي سيستخدمونها في سيناريوهات العالم الحقيقي، مما يُعزِّز نقل المعرفة، ووراء الكواليس، يمكن للمنظمات اكتساب أفكار وتحليلات لأغراض تتراوح بين تتبُّع العائد على الاستثمار (ROI) على مستوى دقيق، وتحسين فاعلية البرنامج، والأداء المتميز.

من الواضح أنَّ القوى العاملة تتطلب بيئات تعلُّم تعتمد على التكنولوجيا من مواقع بعيدة، ليس فقط من أجل رفع مستوى المهارات على نطاق واسع، ولكن أيضاً لاستيعاب مجموعة موسعة من الأنشطة التي تركز على المستقبل، ويتحقق حل تسريع الأعمال المستند إلى السحابة من كل شيء، خاصة فيما يتعلق بالوظائف المعقدة مثل التدريب على استخدام البرامج، ويزيد من سرعة الحصول على ميزة تنافسية كبيرة.

عندما يتعلق الأمر بمستقبل التدريب والأدوات اللازمة للنجاح، فنحن قد قطعنا شوطاً كبيراً في هذا الاتجاه.

المصدر