لعب التقدم التكنولوجي دوراً كبيراً في تقديم تجربة شاملة، فقد أتاحت التطبيقات والخدمات الجديدة جنباً إلى جنب مع أحدث التقنيات المساعدة تسهيلاتٍ لم تكن لتوجد لولاها، وأصبح أتمتة مبادئ التصميم العام وتعديلها لتناسب طرائق التعلم جميعها سواء التي تُطبَّق وجهاً لوجه أم الافتراضية أسهل اليوم من أي وقت مضى على المدربين.

لماذا تُعَدُّ إمكانية الوصول هامةً في سياق تعلُّم البالغين؟

عندما يفكر المرء في إمكانية الوصول إلى التدريب والتعلم عبر الإنترنت، ما الذي يتبادر إلى الذهن؟ بالنسبة إلى العديد من المصممين والمدربين التعليميين، يُعَدُّ "الوصول" مرادفاً للبروتوكولات القانونية مثل تعديل المادة 508 لقانون إعادة التأهيل لعام 1973 أو المبادئ التوجيهية المتعلقة بإمكانية الوصول إلى محتوى الويب (WCAG 2.1)، لكنَّ إمكانية الوصول الحقيقية من حيث صلتها بالتعلم تنطوي على أكثر بكثير من مجرد التحقق من وجود بعض المستلزمات؛ إذ يتعلق الأمر أكثر بإزالة الحواجز وخلق بيئة شاملة تضمن التعلم الفعَّال للجميع.

تخيَّل أنَّك تجلس في اجتماع يتحدث فيه الجميع بلغة أجنبية، أو أن تجري مكالمة فيديو ويختفي الصوت، هذا ما تشعر به عندما تكون متعلماً من ذوي الاحتياجات الخاصة يحاول المشاركة في دورة تدريبية افتراضية لا تراعي الحالات جميعها، ومن المنطقي أن تُحبِط هذه التجربة المتعلم وتزعجه، وهي إضافةً إلى ذلك مصدر قلق كبير للمنظمات.

يستحق كل فرد فرصة التعلم، ولكن في بعض الأحيان يُقصَى ذوو الاحتياجات الخاصة عن غير قصد من التجارب التي يخوضها زملاؤهم، وهو أمرٌ له تداعياتٌ بعيدة الأمد، فعلى المستوى العملي البحت، قد يفشلون في استيعاب المواد التعليمية المخصصة لهم بشكل كامل، أما عاطفياً، قد يخرجون من جلسة (جلسات) التدريب الافتراضية الخاصة بهم وهم يشعرون بالاستياء، أما من الناحية القانونية، يمكِن تحميل الشركة مسؤولية عدم الوفاء بوعودها، وفي أسوأ الحالات، يمكِن للمتعلم غير المدرب بشكل كافٍ أن يُعرِّض سلامته - أو سلامة الآخرين - للخطر.

ما عدد الأشخاص الذين يتأثرون بهذا؟

وفقاً للتقرير الدولي حول الإعاقة  (World Report on Disability) الذي أصدرَته منظمة الصحة العالمية (WHO) عام 2011، يعاني أكثر من مليار شخص في جميع أنحاء العالم شكلاً من أشكال الإعاقة؛ أي إنَّ ما يقرب من 200 مليون شخص يواجهون صعوباتٍ كبيرةً في العمل، لكنَّ تحديد معنى الإعاقة بدقة ليس أمراً يمكِن إجراؤه بشكلٍ علميٍّ دقيق، في حين أنَّ أولئك الذين يعانون من اختلافات جسدية أو عقلية أو فكرية أو حسية طويلة الأمد مثل: السمع أو الرؤية يُعَدُّون من ذوي الاحتياجات الخاصة، وماذا عن العديد من الأفراد الذين يواجهون تحديات قصيرة الأمد تُعطل أو تضعف قدرتهم على التعلم؟

كحالة موظف ذي معصم مكسور ولا يمكِنه استخدام سوى يد واحدة للكتابة، أو ماذا عن عاملة وصف لها الأطباء أن تتناول على الأمد القصير دواءً يجعلها تصاب بالدوار عند التحديق في شاشة الكمبيوتر؟ وماذا عن الفرد الذي خضع لعملية جراحية لمعالجة عتامة عدسة العين وتمت بنجاح ولكن لديه قدرة بصرية محدودة في أثناء رحلة الشفاء؟ يواجه هؤلاء الموظفون مواقف مؤقتة تضعف بالتأكيد قدرتهم على المشاركة الكاملة في مبادرات التدريب والتعلم عبر الإنترنت.

قد لا يدرك بعض المتعلمين حقيقة أنَّهم يعيشون مع ما يسمى بالإعاقة، ربما تعاملوا لسنواتٍ مع التحديات المتعلقة بعسر القراءة أو اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه دون التعرُّف إلى "إعاقتهم" أو الاعتراف بها، مثلاً: يؤثر عمى الألوان في 5 إلى 10% من سكان الولايات المتحدة، وعدد المتأثرين فيه من الذكور أكبر من الإناث، وقد لا يدرك الفرد أنَّه مصاب بهذه الحالة، وقد يرى الألوان ولكنَّه لا يستطيع التمييز بين الفروق الدقيقة في الظلال، فإذا كان في تدريب افتراضي وقُدِّم له خيارات من المربعات الزرقاء وطُلِبَ منه تحديداً النقر فوق المربع الأزرق المائل إلى الخُضرة، ماذا لو واجه مشكلةً في تمييز المربع الذي يشير إليه المعلم بالضبط؟

أهم العوامل التي يجب أخذها في الحسبان لتسهيل التدريب عبر الإنترنت: لماذا يجب أن تهتم الشركات بكون منتجاتها متاحة للجميع؟

تقديم فرصٍ متكافئة:

الشركات التي تعطي الأولوية لسهولة الوصول إلى التدريب تمكِّن ذوي الإعاقة من أن يكونوا أكثر استقلالية وتُوفر لهم الفرص نفسها التي توفرها لزملائهم.

هذا هو الشيء القانوني الذي يجب فعله:

تنتشر القوانين المتعلقة بإمكانية الوصول حالياً على مستوى العالم في أشكال مختلفة، ومن المتوقع أن تزداد نضجاً من حيث الشمولية ووحدة المعايير.

استخدام تكنولوجيا الابتكار:

يضمن التصميم الذي يَسهُل الوصول إليه إمكانية عرض المواد التدريبية من قِبَل المستخدمين الذين يعتمدون على برامج قراءة الشاشة أو أجهزة العرض التي تعمل بطريقة برايل أو مؤشرات الرأس اللاسلكية، ويتضمن ترجمة نصية وتوليد النصوص بشكلٍ تلقائي وقارئاً آليَّاً واختصارات لوحة المفاتيح وألواناً خاصة.

مفيدٌ للأعمال التجارية:

تُحسِّن المنظمات التي تعطي الأولوية لإمكانية الوصول قدرتها على الوصول إلى عملاء جدد واختراق أسواق جديدة.

في الختام:

تركز العديد من الشركات اليوم على الدمج، وقد كُتِب الكثير عن الحاجة إلى تبنِّي التنوع والشمول، والقيمة التي تُقدِّمها الثقافة التنظيمية القائمة على الاندماج، كما يتفق الخبراء على أنَّ التنوع يعزز الإبداع والابتكار في مكان العمل، مما يمنح المنظمات أيضاً ميزةً تنافسيةً في ظل العولمة التي يشهدها العالم، وعلى المستوى العملي البحت، تساعد القوى العاملة المتنوعة والشاملة الشركات على جذب المواهب والاحتفاظ بها، فتخفف بالتالي من التكلفة العالية لدوران الموظفين، وتساعد البيئة الشاملة المتعلمين على الوصول إلى إمكاناتهم والمساهمة بأفضل ما لديهم في الأهداف التنظيمية، وهو الدرب السديد الواجب انتهاجه من الناحية الأخلاقية.