تتطور المهارات والمعرفة التي تحتاج إليها الشركات التجارية للنجاح باستمرار، فإذا كنت ترغب في الاستمرار في تحقيق النجاح، فيجب أن يكون التعلُّم والتطوير عملية مستمرة لديك.

سنتعرَّف في هذا المقال إلى طريقة قيام جايسون فلين (Jason Flynn) - الرئيس العالمي للتعلُّم في شركة جي إف كيه (GfK) - بتطوير استراتيجيات التعلُّم المستمر التي تنجح على نطاق واسع، وستكتشف كيف يُمكِنُ أن يساعد بناء عادات التعلُّم المرنة الموظفين والمؤسسات على النمو، ولماذا تُعَدُّ التغذية الراجعة من المُستخدِمين ضروريةً لنجاح التعلُّم المستمر.

نُقدِّم لك فيما يأتي أهم الاستراتيجيات التي يُقدِّمها جايسون:

  1. إنشاء العادات وليس تقديم الدورات فقط: ساعِدْ موظفيك على إدراك أنَّ التعلُّم ليس نشاطاً يَحدُثُ لمرَّةٍ واحدة؛ لذلكَ اجعلْ التعلُّم المستمر جزءاً من الثقافة التنظيمية.
  2. اعتماد استراتيجيات التعلُّم المرنة: وفِّر المرونة مع مجموعة من فرص التعلُّم، وساعِدْ الناس على امتلاك القدرة على تطوير حياتهم المهنية والقيام بذلك وفق طريقتهم الخاصة.
  3. توفير التعليم للجميع: اجعلْ الجميع يندمجون في التعلُّم من خلال جلسات التعلُّم المفتوحة، ووفِّرْ جميع موارد التعلُّم لكل موظف.
  4. إجراء المناقشات: استخدِمْ التغذية الراجعة لفَهم مدى نجاح ثقافة التعلُّم المستمر، وحاوِلْ الاستفادة ممَّا تعلَّمتَه في تطوير فرص التعلُّم الجديدة.

سنتحدث الآن عن كل استراتيجية من الاستراتيجيات المذكورة أعلاه بتفاصيل أكثر:

1. إنشاء العادات وليس تقديم الدورات فقط:

مهما كان المجال الذي تعمل فيه، ستلاحظ تسارع وتيرة التغيير في السنوات الأخيرة، فسواءَ كنتَ تتعامل مع الاستقالة العظمى أم التقدم التكنولوجي؛ تحتاج مؤسستك إلى مجموعة متطورة من المهارات للحفاظ على أهميتها على الأمد القصير والطويل.

بالنسبة إلى جايسون؛ لا يتعلَّق الأمر فقط بنشر الأدوات والتقنيات المناسبة، فإذا كان موظفوك سيطوِّرون المهارات المطلوبة لتحقيق النجاح، فإنَّهم يحتاجون إلى المواقف والسلوكات الصحيحة، ويبدأُ هذا بإدراك أنَّ التعلُّم ليس محدوداً؛ وإنَّما عملية مستمرة، ولا يكون التعلُّم والتطوير فعَّالاً إلَّا إذا دُمِجَ في العمل وأصبح عادةً يومية.

يقول جايسون: "التعلُّم المستمر لا يتعلق بقضاء نصف يوم في الفصل التدريبي؛ وإنَّما بتخصيص وقت لممارسة التعلُّم المُصغَّر أو بدء سلسلة من الدورات التدريبية، أو مشاهدة مقاطع فيديو على منصة يوتيوب (YouTube)، أو حتى قراءة مقال، ولا يقتصر التعلُّم على ما نُقدِّمه، فنحن بحاجة إلى توعية الناس بوجودِ الكثير من الفرص الأخرى المتاحة لهم، ونحن لا نطلب التزاماً كبيراً منهم؛ وإنَّما ممارسة الأمور بانتظام".

2. اعتماد استراتيجيات التعلُّم المرنة:

لن يُطوِّر الناس عادات التعلُّم المستمر إلَّا إذا تمكَّنوا من التعلُّم بالاعتماد على الطرائق المناسبة لهم، فبدءاً من التعلُّم عبر الأجهزة المحمولة في أثناء التنقُّل إلى أحدث المناقشات على وسائل التواصل الاجتماعي؛ يجب أن تُوفِّر المرونة مع مجموعة واسعة من فرص التعلُّم. إنَّ اعتماد استراتيجيات التعلُّم المرنة يُمكِّنُ الناسَ من تطوير حياتهم المهنية.

في عام 2019 كان جايسون مستعداً لإطلاق تدريب لفريق شركة جي إف كيه (GfK) التجارية العالمية، وعندما بدأَت جائحة فيروس كورونا، كان يجب عليه الانتقال إلى نهج التعلُّم المدمج المرن.

أصبحَتْ ورشة العمل - التي كانت مدتها يومين - برنامجاً تعليمياً مدته 16 أسبوعاً، بما في ذلك مزيج من التعلُّم الإلكتروني والكوتشينغ المباشر عبر الإنترنت. واصلَ المتعلمون رحلتهم التعليمية من خلال استخدام الموارد عبر الإنترنت والتحديثات المستمرة؛ وكانت النتيجة تجربة تعليمية ذات تأثير.

يقول جايسون: "نال ذلك استحسان الناس؛ لأنَّه كان لديهم الوقت للتفكير فيما تعلَّموه وتقديم التغذية الراجعة وتلقِّي الكوتشينغ، والتي هي جميعاً أمور لم نكُنْ لنتمكَّن من فعلها خلال يومين في الفصل التدريبي، لكنْ لم تنتهِ الأمور عند هذا الحد، ففي الماضي كُنَّا نُقدِّم برامجَ تعليميةً تنتهي بعد تقديمها، ولكنَّ التعلُّم لا ينبغي أن ينتهي؛ لذلك أضفنا الكثير من الأمور المختلفة لدعم الأشخاص الذين يخضعون إلى هذا التدريب لضمان أنَّهم استوعبوه".

3. توفير التعليم للجميع:

يُعَدُّ بناء ثقافة التعلُّم المستمر رحلة مستمرة لمعظم المنظمات، وللبقاء على المسار الصحيح؛ عليك جذب انتباه الناس ومساعدتهم على الاستمرار في التعلُّم.

مع تغيُّر بيئات التعلُّم بسبب الجائحة، كان جيسون وفريقه يبحثون عن طرائق جديدة للحفاظ على اندماج موظفيهم، وبعد استكشاف مجموعة متنوعة من الأفكار؛ بدؤوا بتقديم جلسات التعلُّم المباشرة بصورة شهرية، والتي كانت مُتاحة لجميع الموظفين؛ حيثُ ناقش فيها قادة الفكر مواضيع هامة عالمياً؛ مما أدى إلى نيل تغذية راجعة إيجابية، وزيادة عدد الموظفين الراغبين في استكشاف المزيد.

يقول جايسون: "لقد كنتُ متحمساً لهذا الأمر في جميع عروض التعلُّم لدينا، ففي منصة التعليم الإلكتروني - على سبيل المثال - لا أخفي أيَّة معلومة، فأنا لا أرغبُ في التدريب على القيادة فقط لمساعدة القادة؛ وإنَّما أرغبُ في مساعدة الأشخاص الذين يتطلَّعون إلى أن يكونوا قادة. لا أخفي أيَّة معلومات عن أحد، فأنا أعتقد أنَّ هذا الأمر يساعد على عملية التعلُّم المستمر".

4. إجراء المناقشات:

يجب أن تعمل عملية التعلُّم والتطوير على إنشاء ثقافة التعلُّم المستمر، لكنْ كيف ستعرف أنَّك تسير في الاتجاه الصحيح؟

يُوجد الكثير من بيانات التعلُّم الرقمي التي يُمكِنُها قياس الاندماج، لكنْ بالنسبة إلى جايسون، فإنَّ التغذية الراجعة للمُتعلِّم هي التي تُظهِر حقاً أنَّ موظفيك يتبنُّون ثقافة التعلُّم المستمر، وهذه التغذية الراجعة ليست مجرد مقياس رئيس؛ بل تساعد أيضاً على تحديد سير عملية التعلُّم والتطوير.

يقول جايسون: "تُوجَد مقاييس إحصائية للاندماج في التدريب الذي نُقدِّمه، لكنْ أَفهمُ تأثير التعلُّم المستمر من خلال الأشخاص الذين يطلبون مني المزيد من فرص التعلُّم، وأعتقدُ أنَّ هذا الأمر رائع لأنَّني أرغب في الاستمرار في هذه المناقشات؛ إذ لا يتعلَّق الأمر فقط بما تريده الشركة؛ وإنَّما بأخذ آراء الموظفين في المنظمة في الحسبان ومحاولة تقديم شيء قبل أن يدرك الناس أنَّه مطلوب".

في الختام:

تتطوَّر المهارات اللازمة لنجاح الشركات باستمرار، فإذا كنتَ ترغب في مواكبة آخر التطورات والتوجهات، فيجب أن يكون تعليم الموظفين وتطويرهم عملية مستمرة. لدى جايسون 4 استراتيجيات لتعزيز ثقافة التعلُّم المستمر:

  1. إنشاء عادات التعلُّم المستمرة بدلاً من مجرد تقديم دورات التعلُّم الإلكتروني.
  2. توفير الحرية والمرونة ليتمكَّن الناس من التطوُّر بأنفسهم.
  3. توفير التعلُّم للجميع.
  4. إنشاء مناقشات مع المتعلمين لقياس نجاحك والتحسين المستمر.