لا يستطيع الجميع التعلُّم بسلاسة؛ إذ يحتاج بعض الأشخاص إلى أن يشرح لهم الآخرون كيفية القيام بأمرٍ ما، ثم يتقنونه بعدها بأنفسهم بسرعة، بينما يتعلم آخرون حينما يأخذون نظرة عامة عن موضوع ما، ثم يستكشفونه بأنفسهم، ويوجد أناس يطلبون كثيراً من المعلومات لدرجة أنَّهم لا يستطيعون تحديد الأفكار الهامة منها.

يعني تنوُّع أساليب التدريب أنَّ الموظفين يتعلمون وفقاً لأسلوبهم واحتياجاتهم، وأنَّهم يمكنهم التعلُّم أينما كانوا ومتى ما أرادوا.

عندما تكون الوظائف بسيطة نسبياً، فإنَّها غالباً ما تتطلَّب تعلم معلومات ومهارات بسيطة مع القليل من الممارسة، ولكن يتطلَّب تدريب الموظفين في الوظائف التقنية المعقدة المشاركة النشطة، مثل أساليب التدريب التفاعلية.

فيما يأتي بعض الأمور التي يجب مراعاتها عند اختيار أساليب التدريب المناسبة للموظفين:

  • يجب تحديد الاحتياجات التدريبية لكل موظف، فقد يختلف أسلوب التعلُّم من موظف لآخر.
  • يجب أن يكون لدى كل موظف خطة تطوير تناسبه لمساعدته على النمو في الشركة وتحقيق أهدافه المهنية بمرور الوقت.
  • يجب أن يكون أسلوب التدريب الذي تختاره مناسباً لأسلوب تعلُّم الموظف وخبرته وخطة تطويره، ثم عليك تقييم إيجابيات وسلبيات كل أسلوب تدريب للعثور على الأسلوب الذي يناسب احتياجات تعلمه.

3 استراتيجيات لاختيار أسلوب التدريب المناسب للموظفين:

1. تحديد الاحتياجات التدريبية للموظفين:

أجرِ تحليلاً لاكتشاف النقص في المهارات لتحديد تلك التي يحتاج الموظفون إلى المساعدة على تطويرها، فهذا التحليل هو عملية تقارن من خلالها بين ما يعرفه الموظفون وما لا يعرفونه، وما يحتاجون إلى تعلمه.

يمكنك تحديد مدى قدرة الموظفين على استخدام معلوماتهم ومهاراتهم الحالية لأداء مهامهم بفاعلية، وتستطيع إجراء التحليل لاكتشاف النقص في مهارات وكفاءات أي موظف بصرف النظر عن خبرته، وبعدها أنشئ خطة تدريب وتطوير للموظفين بناءً على تقييمك، واتفق معهم على تطبيقها.

خطة تدريب الموظفين: هي وثيقة تحدد ما يجب على الموظفين القيام به لتحقيق النجاح في وظائفهم، والتي تتضمَّن عادةً تدريباً إلزامياً ومستمراً لجميع الموظفين الذين يحتاجون إلى تطوير مهارات إضافية.

2. تحديد أسلوب تعلم كل موظف

يختلف أسلوب تعلم كل موظف عن غيره؛ لذا من الضروري تحديده ليحصل الجميع على فرصة للنجاح، ويؤدي استخدام أسلوب تدريب واحد للجميع إلى عوائد محدودة على الاستثمار في تطوير الموظفين وأدائهم.

يجب تخصيص التدريب ليتناسب مع أسلوب تعلم كل موظف قدر الإمكان كي يتمكنوا جميعهم من تعلم ما يحتاجون إليه بسرعة، ومن طرائق تعلم الموظفين:

أولاً: التعلُّم السمعي

يفضِّل هذا النوع من المتدربين التعلُّم عبر الاستماع، فيستمعون إلى المحاضرات، ويكررون المعلومات في أذهانهم، ويتذكَّرونها بسهولة، ويفهم المتدربون المفاهيم بصورة أفضل عندما يسمعون شرحها، وقد يواجه هؤلاء الأشخاص صعوبة في التعلُّم عبر القراءة والكتابة، ولكنَّهم يتعلمون بسهولة عبر الاستماع والتحدث.

ثانياً: التعلُّم البصري

يفضِّل هذا النوع من المتدربين التعلُّم عبر عرض المعلومات أمامهم إما على شكل رسوم بيانية أو صور مُرفَقة مع كلمات مثل عروض شرائح "باوربوينت" (PowerPoint) أو مقاطع فيديو توضح كيفية القيام بشيء ما خطوة بخطوة، فيتيح لهم ذلك فهم ما تعلَّموه فهماً أعمق.

ثالثاً: التدريب العملي

يفضِّل هذا النوع من المتدربين التعلُّم عبر الممارسة، فهم يحبون تجربة العمل على مشكلة أو مهمة ما وارتكاب الأخطاء والتعلُّم منها كي يتمكنوا من فهمها فهماً أفضل.

إنَّهم يفضلون استكشاف شيء ما أو تجربته مباشرة، واختباره بأنفسهم قبل أن يتمكنوا من فهمه كلياً، فهم يتعلمون بصورة أفضل عندما يجربون أشياء جديدة بدلاً من مجرد شرحها في محاضرات تعليمية.

3. تقييم أساليب التدريب المختلفة:

قيِّم أساليب التدريب المختلفة وقارن بينها، مثل التعلُّم الشخصي أو التعلُّم عبر الإنترنت أو التعلُّم المدمج، إليك ذلك بالتفصيل:

أولاً: أسلوب التدريب الشخصي

التدريب الشخصي له فوائد عديدة، فهو أفضل أسلوب تدريب لفهم المهارات العملية، ويتيح إجراء نقاشات جماعية يصعُب إجراؤها أحياناً في الدورات التدريبية عبر الإنترنت.

من خلال التدريب الشخصي، يستطيع المتدربون طرح الأسئلة والحصول على إجابات من المدربين شخصياً، كما يتعرَّفون إلى زملائهم الذين سيعملون ويتعلمون معهم.

للتدريب الشخصي العديد من الفوائد التي تجعله خياراً ممتازاً، ولكن لتقديمه بفاعلية، عليك أن تأخذ ما يأتي في الحسبان: يجب أن تكون الدورات التدريبية تفاعلية، وتتضمن مجموعة متنوعة من النشاطات للحفاظ على اندماج الموظفين، والأهم من ذلك تعيين مدرب ماهر يعرف كيفية إدماج المتدربين، ومنعهم من الشعور بالملل في أثناء الجلسة التدريبية.

ثانياً: أسلوب التدريب في أثناء العمل

يُعدُّ التدريب في أثناء العمل من أكثر أساليب التدريب فاعلية لتعلم مهارات جديدة، ويُجرى هذا النوع من التدريب عادةً في العمل برفقة مشرف أو فرد خبير من أفراد الفريق، وقد يستغرق هذا التدريب بضع ساعات اعتماداً على يجب تعلُّمه.

في التدريب في أثناء العمل، يتعلم الموظفون عبر المشاركة في نشاطات حقيقية تتعلق بوظائفهم الحالية أو المستقبلية، ولكي يكون التدريب في أثناء العمل فعالاً: يجب أن تتاح للموظفين الفرصة للتعلم في الوقت والوتيرة التي تناسبهم؛ إذ يجب منح الموظفين فرصة لممارسة مهارات جديدة في بيئة ذات ضغط منخفض قبل أن تعرِّفهم إلى المهام الصعبة.

ثالثاً: :أسلوب التدريب التفاعلي

يُعد التدريب التفاعلي أحد أفضل أساليب تدريب الموظفين؛ نظراً لأنَّهم يندمجون في تجارب التعلُّم.

عند استخدام الأسلوب التفاعلي بدلاً من المحاضرات التقليدية لتدريب الموظفين، سيتذكر المتدربون ما تعلموه ويطبِّقونه في الوظيفة، ولكي يكون التدريب التفاعلي فعالاً: من الهام تحديد ما تريد أن يعرفه الموظفون أو يفعلوه أو يشعروا به بعد إكمال التدريب التفاعلي.

تأكد أيضاً من أنَّ التدريب يثير اهتمام الموظفين عبر استخدام مجموعة متنوعة من طرائق التدريس، مثل العروض التوضيحية والمحاكاة والنقاشات والألعاب والنشاطات.

رابعاً: أسلوب التدريب عبر الإنترنت

على النقيض من التدريب الشخصي أو وجهاً لوجه، يتيح التدريب عبر الإنترنت تدريب الموظفين في أثناء التنقل وفي الوقت الذي يناسبهم، كما يمكنك تقديم التدريب وأنت جالس في مكتبك، ولن يضطر الموظفون إلى أخذ إجازة من العمل للمشاركة في التدريب.

إلى جانب ذلك، يستطيع المتدربون إجراء التدريب عبر الإنترنت أينما كانوا، يكفي أن يكون معهم كمبيوتر محمول واتصال بالإنترنت؛ أي ليس من الضروري أن تكون في مكان محدد لتقديم بالتدريب.

قبل اختيار أسلوب التدريب عبر الإنترنت، ضع الأمور الآتية في الحسبان: تأكد من إتاحة جميع المواد قبل الجلسة وفي أثنائها وبعدها، وحدد ما إذا كنت ستتيح لهم الوصول إلى التدريب عبر أجهزتهم الخاصة أم أنَّك ستوفر لهم أجهزة كمبيوتر محمولة.

حدِّد أيضاً نوع التدريب عبر الإنترنت الذي ستقدمه: أهو تدريب إلكتروني، أم تدريب بقيادة مدرب، أم تدريب مدمج، أم تدريب ذاتي.

في الختام:

إنَّ اختيار أساليب التدريب التي تناسب أساليب التعلُّم المختلفة التي يفضِّلها المتدربون ليس بالمهمة السهلة دائماً، ولكن يمكن أن يسهُل عليك الأمر إذا اخترت برنامج تدريب مصمَّم خصيصاً ليناسب احتياجاتهم.

مع وجود العديد من الخيارات المتاحة، يُعد اختيار أسلوب التدريب المناسب أمراً هاماً جداً للنجاح في تطوير الموظفين؛ لأنَّ بعض تلك الأساليب لن تفيدهم جميعاً أو تسهم في تحقيق أهداف الشركة، وتذكَّر أيضاً أنَّ لكل أسلوب تدريب إيجابياته وسلبياته؛ لذا عليك العثور على الأسلوب الذي يناسب الاحتياجات التدريبية للموظفين.